إن الصديق يترك تأثيراته السلبية والإيجابية من خلال الجانب الشعوري على صديقه، مما يجعل مسألة الصداقة من
المسائل التي تتصل بالمصير الإنساني في كثير من الحالات، وهذا ما نقرأه في قوله سبحانه وتعالى الذي يحدثنا عن
بعض مشاهد القيامة التي تنطلق من خلال التجارب التي عاشها الإنسان في الدنيا: (ويوم يعضّ الظالم على يديه، يقول
يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً، يا ويلتا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً، لقد أضلّني عن الذكر بعد إذ جاءني، وكان الشيطان
للإنسان خذولاً) الفرقان/ 27.
إننا ندرس من خلال هذا النموذج الذي يقدمه الله سبحانه وتعالى الانسان الذي يعيش الحسرة والندامة في حياته تجاه
الخط المنحرف الذي تحرك فيه، انطلاقاً من تأثره بصداقة بعض الناس الذين حببوا له الضلال، واستغلوا مشاعره العاطفية
فكانت النتيجة إن وصل إلى هذا المصير الذي جعله بعيداً عن رحمة الله سبحانه وتعالى.
حقوق الأصدقاء:
في أعرافنا الاجتماعية: (الصديق عند الضيق)، و(في الأسفار تعرف الإخوان)، ما هي الحقوق التي تتركب على الصديق
اتجاه صديقه؟
اإن ذلك يعني أن الصداقة تنطلق من نوع من أنواع الوحدة الشعورية بين الصديقين، ولذلك فإن الناس عندما يتحدثون عن
االصداقة فإنهم يتحدثون عن الوفاء وعن التضحية ولعل هذا المثل (الصديق وقت الضيق) أو (تعرف الأصدقاء بالأسفار)
وغيرهما من حالات العناء هي التي تكشف جوهر الانسان. ونحن عندما نفكر في الصداقة في دائرتها الشعورية المنفتحة
على الدائرة الإيمانية، فإننا نرى أن الاسلام يفرض على الانسان المؤمن أن ينفتح على أخيه المؤمن ليحمل همّه وليفرّج
كربه، وليقضي حاجته، وليعينه في جميع أموره، وليحفظه في نفسه وماله وعرضه.
فالمفروض بالانسان المؤمن، من خلال أخوة الإيمان التي تزيدها علاقات الصداقة قوة، أن يعين أخاه المؤمن في أوقات
الشدة والضيق وكل الحالات الصعبة في الحياة.